ذكرى استشهاد الإمام علي الرضا (عليه السلام): قال ابن حجر: روي أنه يموت قبل المأمون، وأنه يدفن إلى جوار الرشيد، وكان كما روى، فلما أراد المأمون أن يبعثه إلى خراسان جمع أهله، وكان (عليه السلام) يقول: (لما أرادوا إخراجي من المدينة جمعت أهلي وأمرتهم بالبكاء علي حتى أسمع، ثم قسمت عليهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت: لا أرجع إلى أهلي أبداً). – ولما أنشد دعبل الخزاعي قصيدته عليه – بعد توليه ولاية العهد – وختمها بقوله: وقبر ببغداد لنفس طاهرة أدخلها الرحمن في الحجرات، قال له الإمام (عليه السلام): (ألا أزيد على هذا الموضع بيتين يتممان قصيدتك؟ قال: نعم يا ابن رسول الله. قال (عليه السلام): وقبر بطوس، أي مصيبة تحرق الأحشاء. قال دعبل: يا ابن رسول الله، لمن هذا القبر الذي بطوس؟ قال الإمام (عليه السلام): قبري، ولا تمضي الأيام والليالي حتى تكون طوس موضع شيعتي وزائري…) – دليل استشهاده مسموماً: اختلفت الروايات في سبب وفاة الإمام (عليه السلام) بين الوفاة الطبيعية والسم، وأكثرهم قالوا إنه مات مسموماً. وإليك بعض الروايات – التي تدل على ذلك – باختصار: قال صلاح الدين الصفدي: انتهى أمره بالمأمون إلى أن سمّه في رمانة… مجاملة لبني العباسيين. قال اليعقوبي: وقيل: إن علي بن هشام أطعمه رمانة مسمومة. قال ابن حبان: مات علي بن موسى الرضا بطوس من شراب سقاه إياه المأمون فمات في الحال. قال شهاب الدين النويري: … وقيل: إن المأمون سمّه في عنب، وأنكر ذلك طائفة وأنكروه. قال القلقشندي: وقيل: إنه سمّه في رمانة أكلها. “وكان أهل طوس يعتقدون أن المأمون هو الذي سممه، واعترف المأمون باتهام الناس له، فقد دخل على الإمام (عليه السلام) قبيل وفاته وقال: (يا سيدي والله ما أدري أي المصائب أعظم علي؟ فقدي لك وفراقي لك؟ أم اتهام الناس لي بأني اغتالتك وقتلتك…) فلما كان الغد اجتمع الناس وقالوا: هذا الرجل قتله واغتاله، يعني المأمون. ومن الأدلة على أن المأمون قتله بالسم أنه كان ينوي التخلص منه. فقال المأمون للعباسيين: … لا يجوز التساهل في أمره، ولكن ينبغي أن نخففه شيئا فشيئا حتى نصوره أمام الرعية بأنه لا يستحق هذا الأمر، ثم نتدبره على نحو يزيل أسباب بلائه.” لقد جاءت وفاة الإمام (عليه السلام) بعد قرار المأمون بالتوجه إلى العراق ونقل عاصمة حكمه إليه، حيث وجد أن العباسيين في العراق سيظلون يعارضونه ما دام الإمام (عليه السلام) ولي عهده، فنجده كتب إليهم يستميلهم: لقد غضبتم عليّ لأني وليت علي بن موسى الرضا عهدي من بعدي، وقد مات الآن فارجعوا إلى السمع والطاعة. ولا يبعد أن يبادر المأمون إلى قتله، كما قتل أخاه وآلاف المسلمين من جنوده وجنود أخيه من أجل الملك والسلطان، فالملك عقيم كما أخبره أبوه من قبل. – الأسباب التي دفعت المأمون إلى تسميم الإمام (عليه السلام) واغتياله: من الأسباب التي دفعت المأمون إلى تسميم الإمام أنه لم يحصل على ما يريد من توليه ولاية العهد، فقد حدثت له فتنة جديدة وهي تمرد العباسيين عليه ومحاولتهم القضاء عليه. “ومن الأسباب التي رواها أحمد بن علي الأنصاري عن أبي الصلت الهروي في قوله: (… وجعله ولي العهد من بعده ليرى الناس اهتمامه بالدنيا، فيسقط منزلته في قلوبهم. فلما لم يظهر ذلك للناس إلا ما زاد في فضله عندهم، ومنزلته في قلوبهم، وأتى عليه علماء البلاد رجاء أن يقطعه أحدهم فيسقط منزلته عند العلماء، ويشتهر بسببهم نقصه بين عامة الناس، فلم يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئة والبراهمة والملحدين والماديين، ولم يكلمه خصم من فرق المسلمين المخالفة إلا قطعه وأكرهه على إثباته، وكان الناس يقولون: والله إنه أحق بالخلافة من المأمون، فيرفع إليه الرواة ذلك، فيغضب عليه، فيقول: لا … (وكان الرضا لا يحب المأمون في الحق، ويجيبه بما يكره في أكثر أحواله؛ فغضبه ذلك، وأبغضه، ولم يظهره له، فلما عجز عن إيجاد سبيل لمواجهته اغتاله وقتله بالسم، فأشار عليه الإمام (عليه السلام) بعزله عن ولاية العهد لأن بعض الناس يبغضونه، وعلق إبراهيم الصولي على ذلك بقوله: هذا والله كان سبب ما جرى، ثم إن بعض وزراء المأمون وقادته كانوا يبغضون الإمام (عليه السلام) ويحسدونه، فكثرت غيبتهم للإمام (عليه السلام)، فعمد المأمون إلى دس السم له، وبدأت علامات الموت تظهر على الإمام (عليه السلام) بعد أن أكل الرمان أو العنب الذي أطعمه إياه المأمون. وبعد خروج المأمون تدهورت صحته أكثر، وكان آخر ما قاله: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم الموت إلى مضاجعهم) (وكان أمر الله قدراً مقضياً). فدخل عليه المأمون يبكي، ثم سار خلف جنازته حافيا حاسر الرأس، وهو يقول: (يا أخي، قد هدم الإسلام بموتك، وغلب القضاء عليك قضائي). وحفر قبر هارون ودفنه إلى جواره. وندبه دعبل الخزاعي، وقال: إني أرى بني أمية معذوراً إذا قتلوا، ولا أرى للعباسيين عذراً. أربعة في طوس على قبر الطاهر إذا كنتم مستقيمين في الدين معرضون للخطر. وقبران في طوس خير الناس وقبر شرهم. وهذا من الدروس. فما الذي ينفع النجّس من مجاورة الطاهر، وما الذي يلحق النجّس من مجاورة النجّس؟ وكانت شهادة الإمام الرضا (عليه السلام) في أواخر صفر سنة (203هـ) كما ذكر ذلك أكثر الرواة والمؤرخين. |موقع قفشات

شاركها.

3 تعليقات

اترك تعليقاً

Exit mobile version